- صاحب المنشور: ملاك المسعودي
ملخص النقاش:
لقد شهد العالم تغييرات هائلة نتيجة للتقدم السريع في مجال التكنولوجيا. هذه التغييرات لم تترك أي جانب من جوانب الحياة الإنسانية بدون تأثيراتها، ومن بين أكثر القطاعات حساسية التي أثرت عليها هي القيم الاجتماعية والثقافية. وفي هذا المقال، سنركز على تحليل كيف أثر ظهور وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت بشكل عام على القيم الاجتماعية التقليدية داخل مجتمعنا العربي.
وسائل الإعلام الجديدة مثل تويتر، الفيسبوك، واتساب وغيرها، قد غيّرت طريقة تواصُل الناس مع بعضهم البعض. حيث أصبح بإمكان الأفراد الوصول إلى معلومات واسعة ومشاركة أفكارهم وأراءهم بكفاءة عالية. ولكن هل هيئة هذه الاتصالات والتواصل تساهم حقاً في تعزيز أو تقويض القيم المجتمعية الأصيلة؟
من جهة أخرى، يمكن لهذه الوسائل الرقمية تعزيز التعاطف والفهم عبر تبادل الخبرات الشخصية والمشاركة الفكرية. كما أنها تمكّن الجماعات الصغيرة والقوى المضغوطة من رفع أصواتها وتنظيم الحملات الداعمة لقضايا اجتماعية مهمة. لكن بالمقابل، هناك مخاوف متزايدة بشأن العزلة والعلاقات غير الصحية الناشئة عن الإدمان المحتمل على الإنترنت وهيبة الشخص الظاهرية ("الصورة الافتراضية").
وفي الدراسات الحديثة حول المجتمع العربي -والذي يتميز بتقاليد عربية وإسلامية قوية- فقد رصدت بعض التحولات المثيرة للقلق. فعلى سبيل المثال، أدى استخدام الهاتف المحمول بلا شك لتغيير نمط العلاقات الأسرية والعادات اليومية للأطفال والشباب. كذلك تعرض الأفكار والممارسات الغريبة للقيم العربية والإسلامية بسبب سهولة الحصول على المعلومات العالمية بسرعة فائقة. بالإضافة لذلك فإن انتشار الشائعات والأخبار الكاذبة يجعل الحفاظ على الثقة العامة أمرًا تحديًا أكبر مما كان عليه قبل ظهور الانترنت.
وعند النظر إلى المستقبل، يبدو واضحًا أنه يتعين علينا اتخاذ خطوات مدروسة للحفاظ على هويتنا الثقافية وقيمنا دون تجنب المنفعة الواضحة للتقدم التكنولوجي. وهذا يعني تحديد الحدود المناسبة للاستخدام الإلكتروني وتعليم الأسرة والشباب كيفية استخدام الأدوات الرقمية بطريقة مسؤولة وتحافظ على الأخلاق الحميدة. وبالتالي فإن الموازنة بين الاستيعاب الجدير بالتكنولوجيا والحفاظ على الهوية الثقافية تعد واحدة من أهم التحديات التي نواجهها حالياً كمجتمع عربي.
في النهاية، تؤكد هذه الدراسة حاجتنا الملحة لخلق حوار بناء ومتعمق حول دور التكنولوجيا فيما يتعلق بالقيم الاجتماعية والتأثير المتبادل لهذين الجانبين الحيويين لكل مجتمع متحضر.
