- صاحب المنشور: هبة الأنصاري
ملخص النقاش:
### تأثير الألعاب الإلكترونية على الصحة العقلية للأطفال والمراهقين: دراسة نقدية
مع انتشار التكنولوجيا الحديثة وتزايد شعبية الألعاب الإلكترونية بين الأطفال والمراهقين، برزت مخاوف بشأن تأثيراتها المحتملة على صحتهم العقلية. هذا المقال يهدف إلى استكشاف هذه المخاوف، وتحليل الدراسات العلمية المتاحة حول الموضوع، والنظر فيما إذا كانت هناك علاقة مباشرة بين اللعب الإلكتروني والمشكلات النفسية مثل القلق، الاكتئاب، أو ضعف التواصل الاجتماعي.
على الرغم من الاعتقاد الشائع بأن ألعاب الفيديو تؤدي تلقائياً إلى مشاكل نفسية لدى الشباب، إلا أن العديد من الخبراء يؤكدون أنه ليس كل أنواع الألعاب تحمل نفس المستوى من الخطورة. فالأبحاث تشير إلى نوعين أساسيين من التأثير: الإيجابي والسالب. يُظهر البعض التحسن في التركيز والتنسيق الحركي والدقة بعد لعب بعض ألعاب الفيديو التدريبية، بينما قد تسهم الألعاب الغامرة والعنيفة في زيادة مستويات القلق والتوتر والتهديد النفسي.
ومع ذلك، فإن السبب الدقيق لهذه الاختلافات غالباً ما يتم تجاهله في المناقشات العامة. يمكن أن تلعب عوامل أخرى دورًا مهمًا أيضاً، بما في ذلك طبيعة الشخصية الفردية للطفل أو المراهق، وقدرته على تحديد حدود الاستخدام الذاتي للأجهزة الرقمية، والعوامل البيئية داخل الأسرة والمدرسة. بالإضافة لذلك، يلعب محتوى اللعبة نفسها دوراً حاسماً؛ فعلى سبيل المثال، قد تعزز الألعاب التعليمية الثقة بالنفس والإبداع أكثر بكثير مما تفعل الألعاب العنيفة.
فيما يتعلق بالمناقشة الأكاديمية، فقد أثارت موضوعات متداخلة مثل "التوازن الصحي للاستخدام" و"الدور التعليمي لألعاب الفيديو"، الكثير من الجدل. حيث يدعم بعض الباحثين وجهة النظر التي تقول إن الحد الزائد من وقت الشاشة يمكن أن يؤثر سلباً على النوم والصحة الجسدية بشكل عام. وفي الوقت نفسه، يرى آخرون أن استخدام التقنيات المتطورة بطريقة مدروسة وموجهة نحو الاستفادة منها قد يشجع على التعلم ويعزز المهارات العملية.
لتوصيف الوضع الحالي بشكل أفضل، تمت مراجعة عدة دراسات بحث ميداني عبر الإنترنت وغيرها لتقييم آليات التعامل مع المشكلة وإمكانيات تدخل التربية الوالدية. توضح البيانات المجمعة أهمية وضع سياسات واضحة لضمان سلامة الطفل أثناء الانغماس في العالم الرقمي. ومن الأمثلة الواعدة هنا برنامج "استقلال رقمي صحي" الذي تم تطويره بواسطة منظمة الصحة العالمية والذي يعمل كدليل توجيه للعائلات لمساعدتها على تحقيق توازن حياة رقمية مستقيمة وصحية للأطفال والشباب.
وفي ختام هذه المسألة المثيرة للاهتمام، يبدو واضحاً أنه رغم وجود دلائل تشير إلى ارتباط سلبي محتمَل بين أوقات مشاهدة شاشة الكمبيوتر الطويلة وبين حالات نفسية مختلفة لدى الأطفال والمراهقين، فإن الصورة ليست سوداوية تماماً كما تبدو عادةً بالوسائط الإعلامية الشهيرة اليوم. فالواقع -كما هو موضَح أعلاه- يعتمد بدرجة كبيرة على كيفية إدارة الوقت أمام الشاشات وأسلوب اختيار الأنواع المرغوبة من الألعاب بناءً على سن اللاعب وقدراته وظروف حياته الخاصة. ولذلك، ينصح بتطبيق مقاربة متوازنة ومتكاملة لحماية جيلنا الجديد والحفاظ عليه بصحة نفسيّة واستقرار اجتماعي جيّد حتى لو كان ضمن عالم افتراضي ناشئ باستمرار!