- صاحب المنشور: عبد العظيم المهنا
ملخص النقاش:
في عالم يتسارع فيه نموّ التقنية الرقمية بوتيرة غير مسبوقة، يبرز تأثيرها الواضح والمعقد على مختلف جوانب الحياة اليومية؛ ومن بين هذه الجوانب يأتي دور العائلة وكيف تعاملت أو ستتعامل معه. لقد حولت التقنيات الحديثة الطريقة التي نرتبط بها مع بعضنا البعض داخل البيوت العربية، وتغيرت عادات التواصل والتفاعل الأسري بطرق ربما لم يكن بوسعنا تخيلها قبل ظهور الإنترنت والوسائل الاجتماعية المتعددة الأخرى.
الانفصال الافتراضي:
أصبحت شاشات الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية وأجهزة الحاسوب المحمولة جزءًا لا يتجزأ من حياة الأفراد العرب الذين يقضون ساعات طويلة أمام تلك الشاشات سواء للعمل أو الترفيه أو حتى التعليم. هذا الاستخدام المكثف للتكنولوجيا أدى إلى حالة جديدة يمكن تسميتها "الانفصال الافتراضي"، حيث يحل العالم الافتراضي محل الواقع الاجتماعي الحقيقي مما يؤدي لانخفاض التواصل الفعلي وجهاً لوجه بين أفراد الأسرة نفسها. يمكن لهذه الظاهرة أن تضع الضغط على الروابط العاطفية والعلاقات الشخصية داخل المنزل العربي التقليدي الذي كانت تجمعاته تتميز بالنقاش المفتوح والحوار الصريح.
فرص التعلم والتواصل الجديدة:
على الجانب الآخر، توفر التكنولوجيا العديد من الفرص التي تساهم في تقوية روابط الأسرة وتعزيز مهاراتهم. مثلاً، تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإنستغرام وتويتر طرقاً فعالة لإبقاء جميع أعضاء الأسرة متصلين ومطلعين فيما يحدث لأفراد آخرين بعيدين جغرافياً ولكن قريبين روحياً بسبب مشاركة ذكريات خاصة وعروض مدروسة للعائلة. بالإضافة لذلك فإن المنصات التعليمية عبر الإنترنت باتت تغذي فضول الأطفال والشباب نحو المعرفة المستمرة خارج حدود الفصل الدراسي التقليدية مما يبني لديهم الشعور بالإنجاز والفخر بتعلم الجديد بينما يشاهدونه ويعملون عليه مباشرة بدون حاجتهم للذهاب للمدرسة كل يوم.
الإيجابيات والسلبيات المحتملة:
من الواضح أنه ليس هناك حل واحد ينطبق تماما على كافة القضايا الناشئة جراء استخدام التكنولوجيا بكثافة ضمن المنازل العربية المختلفة والمختلفة ثقافيا واجتماعيا أيضًا. فبينما تقدم لنا التكنولوجيا الكثير من الامتيازات إلا أنها تحمل أيضا مخاطر محتملة يجب أخذ الحيطة منها. فقد يشجع الاستخدام الزائد للأدوات الرقمية الأشخاص البالغين وكذلك الشباب على التأجيل الدائم لقضاء وقت ممتع مع أقاربهم لصالح اللعب بالألعاب الإلكترونية وبرامج الفيديوهات مقيمة الوقت الكافي وقيمة وجود اللحظات المشتركَّة والتي غالبا لن تدوم طويلا إن اختارت التجاهل! وهكذا، تصبح الموازنة بين الفوائد والإشكالات المرتبطة بالتكنولوجيا عاملا حيويا للحفاظ علي تماسك الوحدة الاسرية ومصدر سعادة وصحة نفسية جيدة لكل فرد خلال محيط البيت العربي الخاص بهم .