مقدمة:
تُعد الفيزياء الفلكية فرعاً حيوياً من العلوم الطبيعية التي تدرس طبيعة الكون ومكوناته، بدءاً من النجوم والكواكب وحتى المجرات والمادة المظلمة. منذ القدم، كانت البشرية مفتونة بمعرفة ما يقع خارج حدود كوكبنا الزرقاء الصغيرة، مما دفع العديد من العلماء البارزين لإجراء دراسات وأبحاث مستمرة لتفسير أسرار الكون الواسعة. وفيما يلي نظرة عامة على مسيرة هذه العلم الرائدة والتطورات الحالية فيها.
المسيرة التاريخية للفيزياء الفلكية:
بدأت الرحلة نحو اكتشاف مواطن الكون مع علماء الفلسفة اليونانيين القدماء مثل أرسطو ونيكوماخوس الذي حاول شرح حركة السماء وكيف تتألف من سبع طبقات مختلفة. ثم جاء عصر النهضة الأوروبي حيث برز إسحق نيوتن بملاحظاته عن قوانين الحركة والقصور الذاتي والجذب العام، والتي شكلت أساس فهمنا لكيفية تحرك الاجسام في الفضاء الخارجي.
وفي القرن الثامن عشر، زاد فهم الإنسان للمجرات وعلم الفلك بشكل كبير بسبب أعمال ويليام هيرشل وجيمس ويدنر الذين عملوا على رسم خرائط لمواقع النجوم المختلفة وطرق تصنيفها بناءً على ميزاتها الضوئية.
إلى جانب ذلك، أدى اختراع التلسكوبات المتقدمة خلال القرن العشرين إلى تحقيق تقدم ملحوظ في مجال الفيزياء الفلكية. فقد سمحت لنا بالمراقبة الدقيقة للسدم والأقزام البيضاء وأشعة جاما القادمة من مناطق بعيدة جدًا داخل مجرتنا درب اللبانة. بالإضافة لذلك، تم تسجيل أول صورة فوتوغرافية لنجم آخر غير الشمس يدعى ألفا سينتيوري عام ١٨٤٠ بواسطة جون فريدريك ويكهام.
التقنيات الجديدة وإنجازات اليوم:
اليوم، أصبح لدينا تقنية مذهلة تسمح بإلقاء نظرة عميقة جدًا داخل أكوان أخرى. فعلى سبيل المثال، استخدم مؤخرًا مرصد هابل الفضائي تكنولوجيا عالية الدقة لرسم صور مفصلة لأبعد المجرات المعروفة حتى الآن - وهي مجرة GN-z11 الواقعة عند مسافة تقدر بحوالي ١٣ مليار سنة ضوئية فقط!
كما أن هناك مشاريع كبيرة حاليًا تعمل على تطوير منظومات مراقبة متطورة جداً، مثل مشروع "التلسكوب الكبير جداً Extremely Large Telescope (ELT)" والذي يُقدر حجم مرآته الرئيسية بسبعٍ وخمسين متر مربع ويمكنه رؤية التفاصيل الموجودة ضمن أعماق كون أبعد بكثير عما يمكن رؤيته بالعين المجردة.
بالإضافة لما سبق ذكره، فإن التحليل الطيفي الحديث يساعد كثيرا العلماء لفهم تركيب العنصر الداخلي للأمواج الكهرومغناطيسية الآتية منها؛ حيث إنه يعطي معلومات قيمة حول نسب مختلف أنواع الروابط الكيميائية بين عناصرها المختلفة وبالتالي معرفة المزيد عن مراحل تكوين تلك الأشياء الغريبة حقّاً المنتشرة عالمياً بالمجرّة الطوليّة الخاصة بنا ودرب لبنتها أيضًا.
هذه نبذة موجزة مختصرة جدّا لأبرز محاور سيرورة البحث العلمي المستمر لسبر أغوار غوامض الظواهر الفيزيائية المرتبطة بالسماء وما فوق سطح الأرض بدنيّاتِهِ المُلبِدة بالأجرام الكونية المرعبة للجنس الحيوي البشري فور دخوله مرحلة التنبه العقلي الموضوعي للعيش وسط بحر واسع بلا شاطئ ولا نهاية له... إنها نهايتها!.