في الإسلام، يُعد قراءة القرآن الكريم أحد أهم العبادات والممارسات الروحية التي تقربنا إلى الله تعالى. ومع ذلك، عند التفكير في إهداء ثواب تلك القراءة إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، يجب أن نكون واضحين بشأن أحكام الشريعة الإسلامية.
وفقاً للأدلة الشرعية والفقهية، إهداء ثواب الطاعات إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم يعتبر بدعة وليست سنة مؤيدة. أولاً، هذا الإهداء ليس ضرورياً لأنه قد منح النبي بالفعل مثل أجور أمته بدون نقصان منها، كما ورد في الحديث الشريف: "مَنْ دَعَا إلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ". لذا، عندما يُهدي المسلم ثواب عمله للنبي، فهو يفوت فرصة الحصول على أجر عمله الأصلي لنفسه.
ثانياً، لم يكن هناك أي دليل تاريخي أو حديث يؤكد أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم طلب من صحابته فعل ذلك. وفي الواقع، يشجعنا الحديث الآخر الذي رواه البخاري ومسلم بقوله: "مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد"، مما يعني أن الأعمال التي ليست جزءاً من تعاليم الدين هي غير مقبولة.
كما أن العلماء السابقين، بما في ذلك الخلفاء الراشدون والصحابة والتابعين، لم يقوموا بهذا الأمر أيضاً، فهم يعرفون الخير ويقبلونه. وبالتالي، يعتبر إهداء الثواب للنبي خارج حدود السنة المحمدية ويتجاهل التعاليم الإسلامية.
بنفس السياق، شرح الشيخ ابن العطاء، تلميذ النووي رحمهما الله، بأن قراءة القرآن بالتأكيد ذات فضل كبير ولكن إهداء نتائجها للنبي لم يتم تأكيده بطرق موثوقة ويجب منعه لأن فيها تدخل غير مصرح به ولأن مكافأة التلاوة ستذهب بالنهاية للمعلم بسبب تشريع القرآن نفسه.
وفي النهاية، أكدت العديد من المصادر الفقهية مثل "مواهب الجليل" للحافظ ابن حجر أن مثل هذه الممارسة تعتبر مبتكرة وغير مشروعة وأن الأصل هو التركيز على المكافآت الخاصة بنا وعلى اتباع سنتنا المحمدية بشكل كامل.
وبهذا التصريح الواضح للسنة المستمرة منذ زمن الصحابة المبكر حتى يومنا الحالي، يستطيع المؤمنون القيام بروتين صلاتهم وقراءتهم بثقة علمية ودينية راسخة.