في تاريخ الأرض الغني بالتنوع البيولوجي، شهد العصر الطباشيري أحد أكثر الفترات حيوية وحاسمة على الإطلاق. هذا العصر امتد عبر حوالي 79 مليون سنة تقريباً، بدءاً من حوالي 145 إلى 66 مليون سنة مضت. كان وقتاً زمنياً استثنائياً حيث بلغ النشاط التطوري ذروته وظهرت العديد من الأنواع الجديدة التي سيطرت على الأنظمة البيئية المختلفة حول العالم. لكن هذه الفترة أيضاً عرفت الكثير من الانقراضات المفاجئة والكبيرة التي أثرت بشكل عميق على التنوع الأحيائي للأرض.
أحد أكثر جوانب العصر الطباشيري ملحوظةً هو ظهور وتطور الزواحف الضخمة، بما فيها الديناصورات الشهيرة التي كانت سائدة تماماً خلال تلك الحقبة الجيولوجية. وقد أدى انقراض هذه الكائنات المهيبة في النهاية إلى تغيير جذري في النظام البيئي العالمي. يرجع السبب الرئيسي لاندثارها إلى حدث اصطدام كوكبي نادر حدث قبل نحو 66 مليون سنة. يُعتقد أن هذا الحدث أدى إلى تغييرات بيئية شديدة وغير مسبوقة خلقت ظروفاً غير قابلة للحياة للغالبية العظمى من الديناصورات.
ومن بين الحيوانات الأخرى التي لم تسلم من مصير الاضمحلال أثناء فترة الانقراض الكبرى الأخيرة للعصر الطباشيري هناك كذلك عدة أنواع من السلاحف البحرية كبيرة الحجم والتي تعتبر اليوم حيوانات نادرة جداً. بالإضافة لذلك فإن بعض أشكال الحياة القديمة مثل البطاريق ذات القرون والأخطبوط الشبيه بالطيور قد اختفت أيضاً ولا يمكن رؤيتها إلا عبر القطع الأثرية والحفريات المحفوظة جيدًا.
ومع ذلك، رغم كل هذه الخسائر الثقيلة للتراث الحيواني القديم، فقد قدمت حقبة ما بعد العصر الطباشيري بداية جديدة للعديد من مجموعات مختلفة تتضمن الثدييات الصغيرة المتقدمة نسبيًا والتي تطورت منذ ذلك الوقت لتستقر في موقعها الحالي كنظام غذائي شامل وتوزيع عالمي. ومن الجدير بالملاحظة هنا التأثير الكبير لهذه الانتفاضة الثيروبدمية المبكرة - وهي مجموعة فرعية تشمل معظم الثدييات الحديثة المعروفة الآن باسم "الثيوريشيا".
هذه التحولات الدرامية توضح لنا مدى حساسية وديناميكية نظام الحياة على الأرض وكيف تؤثر الظروف العالمية القصوى مرارا وتكرارا على مسار التطور والتكيف داخل مختلف المجتمعات البايولوجية.