الفِظ هو أحد أكثر الثدييات استثنائيةً وأكثرها تأثيرًا في النظام البيئي البحري. يُعرف أيضًا باسم "بيفر البحر"، وهو جزء هام من إيكولوجية القطب الشمالي والمناطق القطبية المتجمدة الأخرى حول العالم. هذا الحيوان ذو البنية الضخمة والحركة البطيئة يمتلك مجموعة فريدة من الصفات التي جعلته محل اهتمام العلماء ومحبّي الطبيعة على حدٍ سواء.
يتميّز الفظ بطوله الكبير والذي يمكن أن يصل إلى حوالي ثلاثة أمتار ووزن قد يكسر الأرقام ليصل حتى طنين ونصف الطن! جسمه مغطى بشعر سميك يشبه الشعر الإنسان ولكنه أقصر بكثير، يساعد على الحفاظ عليه دافئ أثناء الظروف المناخية القاسية. كما أنه يتمتع بحواس حادة تسمح له بالتنقل بصورة دقيقة داخل المياه المغبرة وغمر الصيف الداكن.
تتغذى فرائس هذه الوحوش عمومًا على الأعشاب البحرية مثل الطحالب وأنواع معينة من النباتات الخيطية الموجودة تحت الماء والتي توفر لها الغذاء اللازم لنموها وتطورها الهائلين. إن قدرتها الاستثنائية على الحصول على الطعام تكمن فيما يعرف بـ "طريقة البحث والتجميع"؛ فهي تستخدم صدوعها الأمامية القوية لكشط الأرض بحثاً عن موطن غذائها المفضل ثم تسحق تلك الأنواع باستخدام أسنان كبيرة ومتخصصة قبل ابتلاعها.
على الرغم مما يبدو عليه من كسل واضح إلا أنه قادرٌ للغاية عندما يتعلق الأمر بالحماية الذاتية ضد الافتراس. عند مواجهة خطر محتمل -عادة ما تكون الحيوانات المفترسة كالأسود البحر والنحل الجائع- فإن الفاظ تستطيع الانطلاق بسرعات مذهلة تبلغ نحو 45 كيلومتراً بالساعة لمدة قصيرة نسبياً ولكنها فعالة جداً لإبعاد أي تهديد مباشر عنها. وفي حال وجود العديد منها مجتمعة، فقد تشكل خط دفاع شامل يستخدم فيه وزن كل فرد سلاحه الخاص بإحداث اضطراب كبير بين صفوف مهاجميه.
بالإضافة لتأثيراتها الواضحة على المستويين الفردي والجماعي لهذه الأنواع، تلعب آليات حياتها دورا أساسياً أيضاُ في شكّل المدى الأحيائي برمته. يعد تغير بيئات التجمد للجليد دوريًا عاملا رئيسيا يؤثر بشكل غير مباشر على نمو بعض أنواع الأسماك بسبب ارتباط بنيتها الغذائية مباشرة بالأعداد المنتظمة للفوظ بالإضافة لذلك فهو يقوم بدور مهم آخر كمختبر طبيعي لدراسة آثار ظاهرة الاحتباس الحراري نظرا لقرب موقع تواجد النوع بمناطق متضررة بالفعل من ارتفاع درجة حراراة سطح الشمال العالمي وما يعقب ذلك من انحسار المساحة المجمدة سنوياً وبالتالي تبديل أماكن الإنجاب المعتاد لديها كذلك سرعة إعادة بناء مجموعاتها السكانية بالأقسام الأكثر أمناً.. ومن هنا جاء أهميته العلمية الواضحه وقد تم التعامل معه كمصدر حي قيم للبحث والدراسة منذ القدم وحتى اليوم مستخدماً كافة الوسائل الحديثة لرصد وتحليل بيانات محتويات بياناته الحيويه وإمكانياته الوراثيه واستخدام النماذج الرياضيه للتشخيص المستقبلي لحالته الصحية العامة وهكذا...