في عالم البحار الغامضة والأعماق الهائلة، يقف أخطبوط المحيط الهادئ العملاق شامخًا كأحد أعظم مخلوقات البحر، ملهِماً بدهشته بكل ما هو فريد وغريب. هذا النوع من الأخطبوط ليس مجرد "أكبر" بل هو رمز للقدرة والفطنة داخل عوالم المياه الضحلة والمظلمة.
يبلغ متوسط وزن ذكر أخطبوط المحيط الهادئ العملاق حوالي 50 كيلوغرام فقط، إلا أنه عندما يصل الأمر للإناث، فإن النتيجة مذهلة حقاً - فقد سُجلت واحدة منها بمقدار يقارب 272 كيلوغرام! أما بالنسبة لطول الذراع، فهو أمرٌ جديرة بالملاحظة أيضاً. يمكن لأطول ذارع لهذه الكائنات الرائعة أن تتجاوز تسعة أمتار! هذا الشكل الكبير والكبير يدفعنا للسؤال حول كيف تستطيع مثل تلك الأشكال التحرك بسرعة وكفاءة في الماء.
لكن جمال الأخطبوط يكمن ليس فقط بحجمه وخفة حركته. إن صفاته الفيزيولوجية والعادات الخاصة لديه تضفيه طابعاً غير مسبوق تماماً وسط المملكة البحرية. مثال على ذلك قدرتها الاستثنائية على تغيير شكل ولون جلدها باستخدام نظام متطور جداً لمخلوقات بحرية أخرى. تتغير ألوان وملمس جلد الأخطبوط وفق تعقيد شديد للغاية، مما يساعدها على التمويه والتكيف مع مختلف الظروف البيئية بشكل مذهل. العديد من مشاهدي الطبيعة قد رصدوا حالات تكاد تكون مستحيلة فيها اختباء الأخطبوط ضمن شعاب مرجانية أو نباتات بحرية بصورة مثالية لشبهه بها حرفيًا!
ومن أغرب الحقائق العلمية المتعلقة بالأخطبوط عموماً، وجود ثلاثة قلوب بدلاً من واحد كما لدى معظم الفقاريات! تعمل قلبين منهم لنقل الدم نحو الرئة الثانية ("الخياشيم"). بينما يعمل ثالثهما لتوصيل الدورة الدموية الجسدية عبر باقي الجسم. وهذا النظام التسلسلي للقلب الثلاثي يجعل تدفق الدم الأكثر فعالية وكفاءة ممكنة للأخطبوط في أثناء رحلات الصيد المكثفة التي تقوم بها يومياً. كذلك الأمر، يحتوي دم الأخطبوط على هيموسيانين وليس هيموغلوبين وهو نوع آخر من أصباغ الدم والتي تحتوي غالبًا على معدني نحاس وهيدروجين أكسيجنيك - وهي خاصية تسمح لها بأن تصبح زرقاء اللون عند تعرضها للهواء الخارجي ولكنها رغم ذلك ليست خطرة ولا سامّة لنا كمستهلكين محتملين لأنواع مختلفة من اللحوم البحرية بما يشمل لحوم الأخطبوط المختلفة أيضًا.
بالإضافة لذلك، تتمتع هذه القوة الهائلة بالحكمة والحكمة اللازمة للحفاظ على نفسها وصغارها. فالأنثى حين تبدأ حمل فراخها ستتوقف عن تناول الطعام لمدة طويلة كي تحافظ عليها وتوفر لهم مكان آمناً حتى وقت الولادة المنتظر. وعندما يأتي الوقت المناسب، سوف تطلق بيوضها مباشرة خارج جسمها مباشرة وفي النهاية تختفي بنفسها تاركة خلف ظهرها مجموعة جديدة ومتجددة من أبنائها المستقبليين الذين سينطلقون لاستكشاف أسرار وحياة البحر الواسع الواسع الواسع....
