يتمتع النسر السوري، والذي يعرف أيضاً باسم "العقاب"، بتاريخ غني ومثير للاهتمام تمتد جذوره إلى عمق الزمن. هذا النوع من الطيور الجارحة الكبير ليس مجرد شاهد على قدرات الطبيعة الخلاقة فحسب، ولكنه أيضا سفير للقوميات والثقافات المختلفة عبر تاريخ البشرية.
تسميات متعددة وتمثيل ثقافي
عُرف النسر السوري بأنّه الإمبراطور الشرقي لدى الأميركيين القدماء، بينما حملته الثقافتان اليونانية والرومانية تحت اسم "ملك العقبان". أسماه العرب "سوريو" تكريمًا لجذوره السورية، ويظهر أيضًا بكلا الاسمين العربي والإنجليزي ("Buteo héliaca") عالميًا.
تمثل صورة النسر جزءًا مهمًّا من الهويات الوطنية لكثير من البلدان بما فيها سوريا، اسبانيا، المكسيك، ألبانيا، النمسا، ألمانيا، بولندا، حتى الولايات المتحدة نفسها - إذ كان يستعمل كنظام علمي للدولة أثناء القرن الثامن عشر والتاسع عشر.
الموئل والسلوك
يعيش النسر السوري بشكل رئيسي في المناطق الواقعة من جنوب شرق أوروبا إلى آسيا الوسطى، ويتجه نحو الشمال خلال موسم الربيع والصيف بحثًا عن البيئة المناسبة لتشكيل الأعشاش الخاصة به والتي تتكون من فرعين خشبيين كبيرين تُفضل عادة وضعها بعيدًا عن باقي الأشجار الأخرى. ومع ذلك فهو يجازف بنصب اعشاش له داخل الكهوف وعلى المرتفعات البرية للجبال في بعض الأحوال حين يدفع الضغط السكاني خارج مواطن توافقه التقليدية.
تمتلئ خصلاته باللون البني الذهبي الذي يندمج بسلاسة مع ألوان التربة المحلية ،كما يتميز بمنقاره الحاد والمعروف بطريقة انحنائه للاسفل نحو الأمام .هذه الخصائص الفيزيولوجية إضافة لما يحمله الوجهه الاجتماعي والعاطفي جعل منه شخصية مشهورة وخيار مناسب لاستخدامها كأساس للشعار الوطني لدول عديده .
ظهور النسر السوري في الفن والأدب القديم
تشهد الاكتشافات الاثارية لحضارات كثيرة على وجود نقوش ونماذج ثلاثيه لصور النسور منذ العصر الحجري الحديث وذلك بسبب ارتباط صورته بالحكمة وشجاعة وشكل العالم الطبيعي المتوازن وهذا واضح ايضا عندما ظهرت لوحه جمالية عالية المستوى ضمن مجموعة تنوع الاعمال الفنية المصنوعة باستخدام مادةالصخرية وغيرها والتي تصور حياة مجتمعات تلكالحقبات الاولى للحضارة الانسانية وبالتالي يمكن اعتبار أنه واحد من أكثر التصاوير شيوعا للنباتات والحيوانات الموجودة علي هذه الرسومات الملونة وخاصة فيما يتعلق بالأعمال الخاصة بالأعمال الأدبية والفنية الدينية الدائرة حول عقائد وثنية مبكرة جدا كانت تسود فترات ماقبل الاسلام كتلك المنتشرة خصوصا بين اقوام آرام وحيثيين وفينيقية الذين كانوا يقيمون قرب المواقعالجغرافية للساحل الشمالي الغربي لنهرالفرات وكانت لهذهالثلاث قبائل حضارتها الخاصه بها ومن ثم انتقال تأثير رسوماتالنسر إلي الشعاب في المنطقة الجنوبية غرب الجزيرة العربية وكذلك في العراق الحالي وبعد انفصال كل دولة عنها ستصبح لاحقا اسلوب ثابت مستمر مستمد من هويتهم الثقافية الأصلية ولكن بوضوح أقل نسبيا محافظين بذلكعلى جانب الانتماء للهويات المشتركة للعرب كافة حتی انه يوجد دليل تشير إليه الدراسات بان حرف «س» الشهير بحضارةالإمارات أصوله تأتي مباشرة كذلك نتيجة اتصال وثيق بالتداخل اللغوي لبقاء ذكرىاسم الطائر الوفي لأجيال مختلفة ومتتابعه رغم مرور الوقت عليه .
وفي الختام فإن رحلة معرفتنا بهذاالطائر الرائع ليست إلا مقدمة للتعمق فى دراسته وفهمه حق فهمٍ؛ فهي قصة مليئة بالعجب والإبداع– إنها مسيرة طويلة ومثمرة بدأت منذ قرون عدة وستستمر لفترة أخرى!
