تحتل البحار والمحيطات الجزء الأكبر من كوكب الأرض، وتمثل موطنًا غنيًا ومتنوعًا لحياة مائية مذهلة. يعتبر عالم الأسماك أحد أكثر العجائب الطبيعية إثارةً وإبهارًا ضمن هذا النظام البيئي المترامي الأطراف. إنه مشهد نابض بالحياة مليء باللون والأشكال والأحجام المختلفة التي تعكس تنوع التطور والحياة البحرية الفريدة.
تعد أسماك البحار واحات عجيبة من النظم الغذائية المعقدة والمذهلة للعين البشرية. تبدأ رحلتها في الأعماق الهادئة للمياه المفتوحة وتستمر حتى الشعاب المرجانية الملونة والشعاب الصخرية الصاخبة. كل نوع من أنواع الأسماك له دوره الخاص في الشبكة الغذائية للبحر. فهناك الحيوانات آكلة اللحوم مثل القرش والنمر الأزرق الذين يصطادون فريسة أصغر حجماً للحفاظ على توازن النظام البيئي. بينما تضطلع الأنواع الأخرى بدور حيوي مثل زريعة المياه العذبة والتي تلعب دور المحركات الحيوية لإنتاج الأكسجين وامتصاص ثاني أكسيد الكربون مما يساهم بشكل مباشر في تنظيم المناخ العالمي.
من الناحية التصميمية، تقدم لنا طبيعة الأسماك درسا حقيقيا حول التكيف والتوازن بين بيئات معيشتهم. فهي تتمتع بوسائل دفاع متنوعة مستمدة مباشرة من خصائص البيئة المحيطة بهم؛ فتلك التي تسكن أعماق الظلام تعدّل شكل جسمها لتتمكن من الرؤية عبر الضوء القليل جدا، فيما تتطوّر البعض الآخر لديها ألوان مميزة للتواصل مع زملائها ولخداع مفترسيها باستخدام خاصية "التمويه". حتى سباحتها تعتمد على ابتكار خلقتها الإلهية فقد تسبح بطريقة سلسة كالأسد البحر، أو بنمط انزلاقي كتلك الموجودة بالقرب من قاع المحيطات ذات الجدران الصخرية الشاهقة.
بالإضافة إلى أهميتها بالنسبة لنظام حياة الكائنات البحرية، فإن المنتجات الثمينة المستمدة منها تؤثر كذلك بصورة هائلة على اقتصاديات الدول الساحلية العالمية. إذ تشكل المصايد التجارية مصدراً أساسياً للغذاء والدخل لكثيرٍ ممن يعيشون داخل وخارج ضفاف هذه المياه الهائلة. لذلك، أصبح الحفاظ على الانواع البرية البحرية قضية ملحة تستوجب اهتماماً غير مسبوق لضمان استدامتها للأجيال المقبلة وضمان عدم تعرضها للإبادة بسبب الاستنزاف البشري والأنشطة المضرة. إن فهم العالم الغامض لهذه الخلق الرائع يساعدنا كثيرا لفهم الدور الكبير تلعبه بحارتنا وأنهارنا كمكونات رئيسية لأرض الله الواسعة وعظمة خلقها عز وجل.
