يعد النمل أحد الأمثلة الرائعة على القوة المنظمة للطبيعة وكيف يستطيع تحقيق عجائب هندسية باستخدام إمكانياته البدائية. بصفته جزءًا مهملاً غالبًا في سلسلة الهرم الغذائي، فإن النمل يحمل أسرارًا عميقة لقوة هائلة تكمن خلف اندفاعاته الاجتماعية المشتركة. تشير التقديرات الحديثة إلى وجود حوالي ١١٨ ألف نوع مختلف من النمل يعيش عبر جميع مناطق الأرض تقريبًا باستثناء الصحاري القطبية المتجمدة والأجزاء الأكثر اتساعًا للعالم المفتوح مثل الدول ذات المساحات البرية الشاسعة.
يتكون جسم النمل أساسًا من ستة أجزاء متخصصة، بما فيها الرأس والصدر والبطن بالإضافة إلى ثلاث أزواج من الأرجل الأقوى نسبيًا بالنسبة لكميته الحيوية الصغيرة نسبياً - وهو الأمر الذي يساعده كثيرًا أثناء عمليات حمل الأشياء الثقيلة عدة مرات وزن جسده الواهن! كما أنه يتمتع بدرجة عالية من الضراوة الدفاعية نظرًا لدوره المحوري داخل بيئته كمفترسين نشيطين وعمالقة مصغرين قادرون على تحمل الظروف القاسية واستخدام أدوات بسيطة للغاية لإنجاز أعمال شاقة بدءًا من جمع الغذاء وانتهاء ببناء مجتمعات تحت الأرض مذهلة التصميم.
تمثل مساهمات المجتمعات المصغرة للنمل تمثيلاً رائعًا للتكافل المستمر لتحقيق هدف مشترك. فالملكة هي المركز الرئيسي للإنتاج الحيوي المسؤول مباشرة عن إنتاج الأفراد الآخرين المعاونين. بينما تعمل معظم أفراد الشعب العام في مهام مختلفة ومتنوعة لتوفير الأمن والاستقرار لمجتمعهم الكبير؛ إذ يقضي البعض منهم حياته بالكامل لحماية خليتهم ضد الخطر الخارجي بالموت إذا اقتضى ذلك، فيما يقوم آخرون بحفر الأنفاق وتحريك التربة وصنع مواد البناء وتعزيز هياكل الحجر الأساسي لمنشآتهم الفخمة المدفونة والتي غالبًا ما تكون أكثر تقدمًا بكثير مما قد توفره بعض حضارات الإنسان المتحضر حديثا! حتى أن هناك جوانب مشابهة لما يحدث حاليًا بتطبيق انترنت الأشياء IoT ، حيث تتم برمجة الروبوتات الآلية وفق برنامج عمل ذكي وحديث ضمن شبكات اتصال لاسلكية دقيقة بين المواقع المختلفة ليضمن زيادة كفاءة سير العمليات اليومية بكل سهولة ودقة مطلقة. لكن هنا يكمن الاختلاف الفريد لحضارتنا الطبيعية الرائعة حيث تخلو تمامًا من الوسائل التقنية التقليدية المعتادة بل تعتمد فقط على الاتصال العصباني الداخلي والتواصل بالألفاظ الصوتية والنغمات الخاصة لكل دور وبالتالي تسريع عملية التنفيذ بلا حدود للأمانة والجدارة الأخلاقيه لدى كافة الأعضاء دون استثناء للحصول على نهاية منتجة وفعالة دائمًا وذلك بشهادة الكثير ممن قام بإجراء الدراسات العلميه حول هذا الموضوع واسفر عنها نتائج مبهرة تفوقت عليها انجازات الانسان الحديث فى مجالات عديدة لصالح الحفاظ علي الطبيعه وحمايتها وحسن استخدام مواردها !!
