الزعفران، المعروف باسم "ذهب الشرق"، يعتبر أحد أغلى التوابل وأندرها في العالم. يُستخرج هذا التوابل الفريد من سبلات أزهار نبات الزعفران، والذي ينتمي إلى عائلة الـIridaceae. وعلى الرغم من مظهره البسيط، إلا أن عملية استخراج الزعفران هي عملية معقدة ومرهقة تتطلب خبرة وصبر كبيرين.
تنمو زهور الزعفران بشكل أساسي في المناطق المعتدلة الجافة مثل إيران، ومصر، وتركيا، وإسبانيا. ولكن أكثر الدول شهرة بزراعة الزعفران هي إيران التي تحتل المركز الأول عالمياً في إنتاج وتصدير هذه التوابل النادرة. تعتمد ظروف المناخ القاسية لهذه المناطق الصحراوية والجبالية على ارتفاع يصل إلى حوالي 2,500 متر فوق مستوى سطح البحر لزراعة هذا النبات العجيب.
تبدأ دورة حياة نبات الزعفران عندما يتم زرعه خلال فصل الشتاء. بعد عدة أشهر خلال الربيع، تزهر الأزهار الدقيقة ذات اللون البرتقالي بمجموعة صغيرة من ثلاثة سبلات داخل كل منها. هذه السبلات الصفراء المحمرة هي مصدر ثروة الزعفران. هنا يأتي دور المزارعين ذوي المهارة الذين يعملون فجر كل يوم للحاق بالزهرة قبل أن تغلق بتلاتها لحماية نفسها من أشعة الشمس الحارقة.
هذه العملية اليدوية المتقنة تستمر لمدة خمسة أيام تقريباً حتى يحصل المزرعون على ما يكفي من السبلات لاستخلاص زعفرانهما. ثم تتم تجفيف السبلات بدقة شديدة لمنع فقدان رائحتها الغنية ولونها الفريد. يمكن لجرام واحد فقط من الزعفران المجفف أن يعادل وزن حوالي 175 ألف زهرة! مما يفسر لماذا يعد الزعفران غالي الثمن ومحدود الانتاج.
بمجرد جمعها ومعالجتها، تصبح تلك المساحيق الحمراء المذهلة التي نعرفها جميعاً كزعفران - العنصر الرئيسي للعطور والمأكولات الشهية حول العالم منذ آلاف السنين. إن جمال وصمود هذه الزهرة الصغيرة دليل واضح على قيمة الطبيعة ودور الإنسان في التعامل مع موارد الأرض بحكمة واحترام لتوفير خيرات الحياة للجميع.