تُعدّ قدرة الأسماك على البقاء وتنفس الأكسجين تحت سطح البحر ظاهرة معقدة ورائعة للغاية. وعلى الرغم من أنها لا تحتاج إلى الهواء كما يفعل البشر، فإنها تتمتع بآلية فريدة لالتقاط الأكسجين من الماء واستخدامه للحياة. هذه العملية معروفة باسم "التهوية" وهي حيوية لبقائها وازدهارها في الموطن الطبيعي لها - محيطات العالم الغامضة والمذهلة.
تستخدم الأسماك نظاماً خاصاً للتمثيل الغذائي يسمح لها باستخلاص الأكسجين مباشرةً من مياه المحيط. بدلاً من الرئتين، تمتلك معظم أنواع الأسماك جهاز تنفس يُعرف بالخياشيم التي تعمل كمجموعة مصفاة صغيرة لامتصاص الأكسجين وحبس ثاني أكسيد الكربون أثناء عبور الحركة الدوامية للمياه عبر الشقوق الضيقة داخل الخياشيم. هذا الجهاز الفريد مصنوع بشكل دقيق ومتطور ليناسب احتياجات كل نوع سمكي.
يتم تنظيم عملية التنفس لدى الأسماك بواسطة عضلات خاصة تدفع المياه خلال فمه ثم تقذفها خارج جسمه عبر فتحات خلفيّة تسمّى الفتحات الخيشوميّة. بينما تمر المياه فوق الخلايا المسامية للخياشيم، يتم تبادل غازات الدم هنا؛ حيث تتخلص الأسماك من غازي ثاني أكسيد الكربون والأمونيا ويستبدلهما بالأكسجين اللازم لصيانة وظائف حياتية مثل النمو والتكاثر والحركة .
بالإضافة لذلك ، فقد تطورت بعض الأنواع للتكيف مع البيئات المختلفة. فعلى سبيل المثال، يوجد بين أسماك القرش وأخطبوطات العمق الكبير تلك التي اعتادت العيش بدون خياشيم التقليدية بل لديها القدرة على امتصاص الأكسجين مباشرة عبر جلدها باستخدام شبكة رقيقة جداً من الأوعية الدموية الواسعة المنتشرة حول أجسامهم مما يساعدهم أيضاً بإخراج الأملاح الزائدة منها أثناء حركة ذيلهم المستمرة لتوفير الطاقة لهم وللحفاظ عليهم أحياء لفترة طويلة نسبياً بالمقارنة بأنواع أخرى أقل تكيفا مع بيئتها الأصلية.
هذه الآليات المعقدة وغير المرئية هي ما يخوّل للحيوانات المائية الحياة تحت أمواج بحرٍ هائل تُغطيه سماوات عائمة وتحتفظ بها طبقة كادوكروم ساحرة لكن مظلمة مليئة بالحياة البرية المتنوعة والتي تشكل جزء صغير منه عالم ساكن ولكنه حيوي وديناميكي بطريقته الخاصة حققت فيه صنعة الرب الأعظم تقدماً مذهلاً يستحق الدراسة والإعجاب بكل تأكيد !
