تنعم الحياة تحت الأمواج بطقوس فريدة لم تكن معروفة إلا للعلماء مؤخراً. تتميز حياة الحيتان بسلوكها الخاص للنوم، وهذا الأمر يشكل تحدياً فلكلورياً للحفاظ على بقائها وسط محيطات شاسعة. عكس معظم الحيوانات الأرضية التي تستطيع النوم بموضع ثابت، فإن الحيتان لديها طريقة خاصة لتوفير الراحة البدنية.
تبدأ هذه العملية الغريبة عندما يستقر حوت ما، غالباً الأنواع الصغيرة منها، في مكان هادئ ومحمي بالقرب من سطح الماء. ثم يغوص نصف جسمه فقط إلى الأعماق بينما يبقي رأسه وعينه واحدة فوق سطح المياه ليكون يقظاً ويمارس "النوم نصف الدماغي". هذا النوع من النوم يسمح له بالاستمرار في التنفس واستشعار البيئة المحيطة أثناء فترة راحته القصيرة نسبياً.
بعد عدة ساعات، يستيقظ الجانب المتنبه للدماغ ويستبدله الجانب الآخر. وهكذا تتكرر دورات النصف ساعة بين الاستيقاظ والنوم الجزئي طيلة الليل. خلال النهار، قد تقضي بعض أنواع الحيتان أسابيع بدون نوم تقريباً، مما يوضح قدرتها الفذة على التحمل والصبر في رحلات طويلة بحثاً عن الطعام.
هذه الظاهرة العلمية المثيرة ليست سوى مثال آخر على العجائب الطبيعية الموجودة في عالم البحار الغامضة والتي نكتشف تفاصيل أكثر عنها يومياً.
