الدلافين، تلك الثدييات البحرية النشيطة وذات الابتسامة الجذابة، تُقسم إلى مجموعتين رئيسيتين بناءً على خصائصها التشريحية والسلوكية. هذه المجموعة الأولى تسمى "دلافين الأنهار" وتتكيف بشكل أساسي مع الحياة في المياه العذبة مثل أنهار أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية. بينما تشكل مجموعة الدلافين البحرية التي تعيش أساساً في محيطات العالم معظم الأنواع المعروفة للدلافين والتي تتضمن أكثر من ثلاثين نوعاً مختلفاً موزعة حول الكرة الأرضية.
تتميز دلافين الأنهار بنمط حياة فريد مقارنة بدلافين البحار. فهي عادة أصغر حجماً وأكثر قدرة على التأقلم مع البيئات ذات التدفق القوي والمياه الضحلة نسبياً. أحد الأمثلة البارزة عليها هو دولفين نهر الغانج الشهير الذي يوجد فقط في مياه الهند وبنغلاديش وميانمار والصين. هذا النوع مهدد بالانقراض بسبب فقدان موائله والتلوث الصناعي المتزايد.
على الجانب الآخر، تضم مجموعة الدلافين البحرية العديد من الفصائل الفرعية لكل منها خصوصيتها الخاصة. نجد هنا الدولفين الشائع الشاعري ذو اللون الرمادي الناعم والموجود بكثافة عبر المحيط الأطلسي والخليج المكسيكي والبحر الأدرياتيكي. كما نحظى أيضاً بمقابلة مع دولفين طويل المنقار الأنيق والمعروف بتعداده الكبير نسبيّاً في جميع أنحاء آسيا والأوقيانوسيا وإفريقيا. بالإضافة لذلك، لدينا أيضًا حالات نادرة كدولفين ابن عرس الذي يمكن التعرف عليه بسهولة بسبب الخطوط السوداء العميقة الموجودة فوق عينيه وحولهما.
ومن مظاهر تنوع الدلافين البحرية الأخرى وجود بعض الأفراد المصنفون ضمن الأنواع الفرعية لدلافين الحوتيات الصغيرة، وهذه الأخيرة تتمتع بحجم أكبر قليلاً وشخصية مختلفة تمام الاختلاف عن شقيقتها الأكبر سنّا. مثال بارز لها هو دولفين بوردا الذي يعيش في المناطق الاستوائية للمحيط الهندي وغرب المحيط الهادئ ويُشتهر بسرعته الخرافية خلال مطارداته للأسماك الصغيرة داخل الشعاب المرجانية المكشوفة أثناء انخفاض المد والجزر اليومي.
وفي النهاية، يبقى دراسة علم الأحياء لهذه المخلوقات الرائعة مجالاً واسعاً للإستكشاف العلمي؛ فتاريخ كل جنس ودراجته الوراثية وعادات حياتها الاجتماعية وثراء لغتها البدائية هي مواصفات فريدة بكل تأكيد تستحق المزيد من البحث والدراسة للحفاظ على عجائب الطبيعة القديمة المتبقّاة بين أمواج البحار العاصفة.