الفقمة: كيف تقوم هذه الثدييات البحرية بتحقيق معجزة التنفس تحت الماء

تعتبر الفقمة واحدة من أكثر الثدييات الفريدة التي تعيش في البيئات البحرية بسبب قدرتها الاستثنائية على التكيف مع الحياة تحت سطح الماء. كما هي الحال مع ج

تعتبر الفقمة واحدة من أكثر الثدييات الفريدة التي تعيش في البيئات البحرية بسبب قدرتها الاستثنائية على التكيف مع الحياة تحت سطح الماء. كما هي الحال مع جميع الثدييات، تحتاج الفقمة إلى الأكسجين للبقاء على قيد الحياة، لكنها طورت مجموعة متقنة من العمليات لتعظيم استخدام الأوكسجين وتقليل تكرار رحلاتها القصيرة إلى الهواء العلوي. تتضمن طريقة تنفس الفقمة عدة جوانب فريدة تبدأ من بنيتها التشريحية وحتى سلوكياتها المتخصصة.

أولاً، تتميز فقمة النيل بالجلد الجاف والعازل والذي يساعد في حفظ حرارة جسمها وتحسين كفاءة عملية الغوص. هذا الجلد الجاف مهم للغاية لأنه يمنع فقدان الحرارة بشكل كبير أثناء وجودها في المياه الباردة. بالإضافة إلى ذلك، تحتوي أجسام الفقمة على كميات كبيرة نسبياً من الدهون - المعروف أيضاً باسم الشحم - والتي تعمل كعزل حرارى داخلى مما يحافظ على درجة الحرارة الداخلية ثابتة حتى خلال فترات طويلة تحت الماء.

فيما يتعلق بعمليات التنفس نفسها، فإن الرئتين لدى الفقمة تمتلكان القدرة على الاحتفاظ بالأكسجين لفترة أطول مقارنة بثدييات البر الرئيسي الأخرى. يمكن لهذه الحيوانات تخزين ما يصل إلى ثلثي أكسجين رئتيهما قبل بدء تمرين غوص مكثف. عند بداية الغوص، تقوم الفقمة بإخراج معظم الهواء الزائد من رئتيها لتجنب زيادة الضغط الداخلي السلبي عندما تغوص عميقاً تحت مستوى سطح البحر.

بعد الانخفاض إلى الأعماق، تتوقف الفقمة عن التنفس تماما ولا تستهلك أي أكسجين جديد إلا بعد الصعود مرة أخرى للسطح لأخذ نفس عميق من الهواء الطلق. ومع ذلك، تستطيع استخلاص المزيد من الطاقة من كل خلية بواسطة إطلاق مواد كيماوية تسمى "الإندورفينات"، وهي مادة طبيعية تساعد الجسم على الشعور بمزيد من الراحة والاسترخاء. وهذا يعني أنه بينما تكون مستويات الأكسجين أقل داخل الخلايا، يستمر العمل الطبيعى للعضلات بدون أي تشنجات وذلك يعزز عمل القلب أيضا بكفاءة أعلى بكثير مما يحدث عادة خارج حالة الإنكار التأكسجي.

بالإضافة لذلك، لديها قدرة ملحوظة للتحكم في تدفق الدم. فهي تستطيع توجيه الدورة الدموية نحو الأحشاء والأعضاء الأكثر أهمية مثل المخ والقلب، وبالتالي تقليل حاجتهما للأكسجين مؤقتاً أثناء الغوص العميق. يتم تحقيق هذا التحويل عبر آلية تُعرف باسم "التوجيه الوعائي"، وهو نظام يتيح للجسم إعادة ترتيب تدفق الدم بناءً على احتياجات الأعضاء المختلفة حسب الظروف الخارجية.

وبهذا النظام الفريد للتكييف والتكيف المستهدف للموارد البيولوجية لديه، تمكنت الفقمة من تطوير نمط حياة فريد يسمح لها باستثمار الحد الأدنى من الوقت فوق سطح الماء للحصول على الأكسجين اللازم. ولكن رغم ذلك يبقى الأمر عرضة لمحدودية الإمدادات الغذائية في بيئتها المحدودة، لذا فهي مجبرة على القيام بجولات بحث مطولة بين أعالي البحار والمحيطات للحصول على غذاء وفير ومغذٍّ بما يكفي لبقائها وسكانها القادمين عليها.


هديل المنور

12 مدونة المشاركات

التعليقات