هل نحن في ظلال ادعاءات "التحضر" و"التطور" فاخرين بأنفسنا على الأمل المبهم، أو هل لا يزال تاريخنا مُلَآً بالدماء التي تشهد على الظلام غير المستحيل في نفوسنا؟
فكر للحظة: من الغرابة أن نجد أروع الشعارات - مثل "الحرية"، و"الديمقراطية"، و"التقدم" - تستخدم كأكفان لهواتف عنيفة من الماضي؟
هل فعلاً نحن أرقى من الذين جاءوا قبلنا، أم هو مجرد ستار رخامي يُستغل لإخفاء الظلم والفساد الخام؟
هل الأزياء المتطورة التي نلبسها تغطي جوهرنا، أم هي فقط محاولات إضافية للتمويه؟
من حقنا أن نستفسر: إذا كان الإنسان قد طور براعته في التكيُّّف، هل يجب عليه ألا يضمن أن تكون تلك البراعة مصحوبة بالأخلاق والإنسانية؟
يجب أن نتساءل: إذا كان المعرفة قد ازدهرت، فلماذا لم تُستخدم لحل النزاعات بالتعاون والتفهم؟
هل سقط الجسار من ديكارت "أنا أفكر" في رمال المكر والخديعة، وتُستبدل بـ "أنا أخدع"؟
من يحمل هذه القوى التشابهية لجعلنا نفضَّ التاريخ كصفحات قديمة، وما حقيقة مستقبل بشري يحاول استكشاف طرق جديدة لإطعام فساده القديم؟
لا تجعلنا نغض الطرف عن الأسئلة التي تخترق حالمًا: هل سيكون استبدال المجازر بالتلاعب والضغط طريقًا أفضل إلى مستقبلنا؟
هل يمكن لأحلام الحرية الصادقة أن تنبثق من عوالم قد خانتها التاريخ؟
هل يجب أن نغض الطرف أمام "التقدم" إذا كان بلا جذور في الأخلاقية والعدالة؟
وماذا عن تساؤل شديد: هل هيجنا التاريخ لحضارة يُتناول فيها الإنسان الإنسان بأنفس أكثر دقة وتكلفًا؟
المستقبل، تلك المعصم التي نضغط عليها بشدة يوميًا: هل ستحمل ثمار الأخلاق والإنسانية أم أنها مجرد كرات في لعبة خديعة؟
يُطلب منك، قارئي المشفوع بروح التفكير: هل يمكننا تأصيل الابتسامات القادمة على أساس من الأخلاق والنزاهة، وليس فقط على مظاهر ديمقراطية خادعة؟
فكر في تلك المجتمعات التي نحاول بناؤها: هل سنضم الجوانب الجميلة لأروقة التاريخ مع جذور شجيرات الظالم، أم نعمد إلى زراعة حديقة يكون فيها كل من يشارك أفضل صديق لصحبته؟
إن سؤالًا عليك الآن: هل نجد أنفسنا قادرين على بناء مستقبل شامل ومستدام، أو نظل نحن غير متأكدين من كيفية تصريف الطريق الذي اخترناه؟

---